للمسجد أهميته الكبرى، ومنزلته العظيمة في المجتمع المسلم ومد نوّه القران الكريم بالمسجد ومكانته، والمثوبة الكبرى للمشتغلين بعمارته، فقال عزّ وجل : فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وقال عز من قائل : إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها .
فالمسجد بوتقة لا بد منها، لتنصهر فيها النفوس، وتتجرد من علائق الدنيا، وفارق الرتب والمناصب، وحواجز الكبر والأنانية، وسكرة الشهوات والأهواء، ثم تتلاقى في ساحة العبودية الصادقة لله عز وجل بصدق وإخلاص .
إن ركعة واحدة يؤديها المسلمون في بيت من بيوت الله، جنبًا إلى جنب، تغرس في نفوسهم من حقائق المساواة الإنسانية وموجبات الود والأخوة، ما لا تفعله عشرات من الكتب التي تدعو إلى المساواة وتتحدث عن فلسفة الإنسان المثالي ؛ لهذا وغيره بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إقامة المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة بعمارة المسجد، معلنًا بذلك أنه الركن الأول والدعامة الأولى لقيام هذا المجتمع، حتى إذا تمت عمارة المسجد وأقبل المسلمون إليه، شد رسول الله صلى عليه وسلم قلوب المسلمين في ظله، بنياط الأخوة في الله، فكان لهم من المسجد خير ضمانة لذلك، وأعظم ملاذ من مشاغل الدنيا وفتن الشهوات والأهواء !!
إن علاقة المسجد بالمجتمع أقوى من أن تقف عند خمس صلوات تؤدى فيه في اليوم والليلة، ثم يغلق بابه فيما بين ذلك، وتنقطع علاقته بالمسلمين وسائر شؤونهم وأحوالهم . كلا كلا إن مؤسسة لها ذلك السلطان الذي ذكرناه على نفوس الناس والأثر الذي أوضحناه في تهذيبهم، لا بد أن تكون علاقته بالوضع الاجتماعي وأحواله، علاقة تفاعل ثابت ومستمر