هل يقي العسل من السرطان[1] ؟
تشير معظم الإحصائيات إلى ندرة إصابة النحالين بالسرطان، وليس هناك أية إجابة علمية تبجث عن السبب. وقد حاول فورستر حل هذا اللغز بالتسجيل الإحصائي فأرسل استمارات إلى عدد من منظمات النحل في العالم. وقد شملت الأسئلة عدد النحالين الذين يعانون من السرطان وعمرهم وعدد السنين التي قضوها في المحالة وقد ورد 254 جواب من نحالة معظمهم قطعوا سن الثلاثين. وقد كانت نسبة إصابة النحالين بالسرطان حسب دراسة فورستو هي 0.36 لكل 100 ألف نحال[2] وقد قارنها فورستر مع إحصائية العالم وايس Weissعند مهن أخرى فكانت كما في الجدول المرافق9 ويتضح من الجدول أن ممتهني النحالة أقل إصابة بالسرطان نسبة للمهن الأخرى وهذا يعود إلى تعرضهم للسع النحل، أو وهو الأرجح تمتعهم بتناول العسل أكثر من غيرهم.
من أين يفرز السم؟
إلى جانب العسل، فإن الطب الشعبي يستعمل سم النحل في حالات كثيرة، والنحلة العاملة تملك جهازاً معقداً تلسع به دفاعاً عن نفسها يقع تحت الحلقة الأخيرة من بطنها ويتكون من غمد يحتوي على رمحين مسننين، ويتصل الغمد جانبياً بثلاثة أزواج من صفائح كيتينية تقوم على دعم الرمحين ودفعهما في الجرح بقوة العضلات المحيطة بها. والصفيحة المستطيلة منها، بها جزء حساس يسمى "الملمس" هو الذي يحدد مكان اللسع0 ويتصل الغمد بغدتي السم
ويتكون كل رمح من عصية دقيقة إبرية لها مسننات في نهايتها، فعند عملية اللسع يتقدم الرمحان خارجين من الغمد وينغرسان في الجلد، وهناك غدتان مفرزتان للسم، فغدة السم الكبيرة ذات مفرز حامضي شديد وتتكون من قنيات طويلة خيطية الشكل تبدأ بخيط ملتو وتنتهي بمجل واسع المستودع أو حويصل السم يفرز اليم في القسم الخيطي ويتجمع في المستودع إلى حين اللسع. أما غدة السم الصغيرة فذات مفرز قلوي خفيف وتتكون من قناة أنبوبية قصيرة وتنفتح في قاعدة الغمد حيث يمتزج مفرزها مع مفرز الغدة الكبيرة حين اللسع. وعند اللسع فإن الرمحين وحولهما الصفائح الكيتينية تشكل ميزانة يجري عليها السم من الغمد المنفتح إلى الجرح الذي أحدثه اللسع، وتتقلص العضلات في جهاز اللسع لتدفع بالحمة وينغرس الرمحان أعمق في جلد الملسوع. إن النحلة التي تلسع الإنسان تفقد حمتها وتموت، ذلك لأن النحلة في محاولتها لانتزاع حمتها من جلد الإنسان تمزق، لأن المسننات التي تقع في نهاية الرمح تنغرس بشكل عكسي في الجلد مثبتة الرمح فيه، أما حين تلسع النحلة حشرة أخرى فإن حمتها تنسحب بسهولة من الجلد الكيتيني للحشرة ولا يحلق النحلة اللاسعة أي أذى. وليعلم أن النحلة التي تدفع حياتها ثمناً للسعها للإنسان، فغنما تفعل ذلك دفاعاً عن نفسها وعن ممتلكاتها من عسل وبيت، فليس من طبعها التعدي مطلقاً. كيف لا وقد شبه بها رسول الله ص المؤمن حين قال: "المؤمن مثل النحلة خوا
الاستشفاء بسم النحل:
إن مشاهدات الطب الشعبي الوفيرة، والأبحاث السريرية في الطب الحديث، تؤكد أن لسم النحل خواص علاجية ثابتة محددة وواضحة جداً، يفسر هذا مكوناته الكيمياوية التي ذكرناها، والخواص البيولوجية التي يبديها
الاستشفاء بسم النحل في أمراض العين
استعمل سم النحل منذ القديم لمعالجة عدد من أمراض العين في الطب الشعبي. أما الطب الحديث فيطبق سم النحل على نطاق وساع، وبنجاح لمعالجة بعض آفات العين وخاصة التهاب القزحية Iritisوالتهاب القزحية والهدابي[20] Iritoeyelitis
ففي مشفى العيون في نوفوسيبير طبقت البروفسورة شرشفسكاي[21] سم النحل على شكل لسعات عادية لمعالجة عدد من أمراض العيون وحصلت على نتائج ممتازة. ففي حالات القزحية مع تراجع الرؤية حتى 1/100 أعطى سم النحل نتائج رائعة، حيث هدأت الأعراض الالتهابية إلى أن تراجعت خلال 3-4 أيام، وتم الشفاء وعادت الرؤية إلى حالتها الطبيعية.
ويحذر إيوريش من تطبيق لسه النحل على الأجفان وهي مغلقة للخطر الكبير الذي يمكن أن يلحق الهين كلها، فليس من النادر أن يتطلب نزع حمة النحلة اللاسعة من كرة العين إجراء أكثر من عمل جراحي. وحتى في الحالات التي تنغرس فيها الإبرة في الجفن فقط، فإن نهايتها العميقة قد تخرش القرنية مؤدية إلى التهابها.
ولتجنب محاذير اللدغ المباشر فقد اجتهدت البرفسورة ن. مالانوف[22]لإيجاد طريقة مبسطة وسليمة للمعالجة بسم النحل وقد استفادت من خاصية الجلد في امتصاصه للأدوية حيث طبقت مرهم virapinالحاوي على السم على مناطق مختارة من جلد المريض: في اليوم الأول يدهن جلد المنكب الأيسر بعد تنظيفه بالماء والصابون، وفي اليوم الثاني يدهن صباحاً المكنب الأيمن ومساءاً على الورك الأيمن. في اليوم الثالث يطبق مقدار دوائي مضاعف حيث يدهن على التوالي المنكب الأيسر، فالمكنب الأيمن ثم الورك الأيسر. اليوم الرابع استراحة، وفي اليومين الخامس والسادس يعاد كما في اليوم الثالث. وقد عالجت مالانوفا بهذه الطريقة 36 مريضاً مصابين بالتهاب قرنية عقبولي، والتهاب قزحية رثوي المنشأ، التهاب الصلبة وفوق الصلبة الرثوي. وقد أشركت هذه المعالجة مع المعالجة الموضعية العادية في العين المصابة وكانت جيدة فقد تراجع الألم بسرعة واستقام الإحساس في القرنة، وسارت عملية التعويض والبناء بفعالية أكبر. وهذا ولم تشاهد أي اختلاطات جانبية لهذه الطريقة العلاجية.
وفي مشفى العيون معهد أومسك الطبي طبق البرفسور ف. ماكسيمنكو[23] سم النحل على نطاق واسع نطاق واسع لمعالجة أمراض العين وخاصة في التهاب القرنية والعقبولي الشكل، وكمادة ماصة للإرتشاح في تعكر القرنية والجسم الزجاجي وفي بدء تشكل الساد قبل نضجه Cataractوفي حرق العين، وكانت النتائج جيدة.
معالجة أمراض الأوعية والضغط الدموي بسم النحل
إن تراكم الكولسترول في البطانة للشرايين هي أحد الأسباب الرئيسية لتصلب الشرايين Ateroslerosisوقد تبين للدكتورة إيروسالمشك[24] أثناء معالجتها للعديد من المرضى بسم النحل انخفاض مستوى كولسترول الدم عندهم. وتشير أبحاث عدد من المؤلفين[25] أن المصابين بالرثية والخاضعين للمعالجة بسم النحل ينخفض في دمائهم مستوى الكولسترول. أما المصابون بالتهاب الأعصاب، وعلى اختلاف أشكالها، فإن معالجتهم بسم النحل لا تغير مستوى الكولسترول في دمائهم. هذا ويجب تحديد خصوصيات كل مريض من هذه قبل البدء بمعالجته بسم النحل. وقد بين كل من زايسف وبوريادين[26] التأثير الحسن لسم النحل على تصلب الشرايين المحيطية وفي معالجة التهاب بطانة الشرايين Endartertisوذلك بسبب تأثيره الموسع للأوعية والمسكن للألم. وقد حصل زيبولد[27] على نتائج جيدة في 85% من الحالات عند معالجته لـ 126 مريضاً مصابين بالتهاب بطانة الشرايين بتطبيق سم النحل. وبسبب التأثير الموسع للأوعية والمضاد للوذمة الذي يمتلكه سم النحل فقد طبقه كل من فورستر وزايسف وغورشكوف[28] لمعالجة قرحات الساق الركودية والتهابات الوريد الخثرية.
وقد أكدت ن. كورنيغا وزملاؤه[29] أن سم النحل ولو بمقادير قليلة له تأثير جوهري وفعال على الحالة الوظيفية للأوعية الشعرية، فهو يملك تأثيرات حركية وعائبة وأخرى حالة للدم. كما أكد ش. أوماروف[30] فعالية سم النحل في تنشيط الوظيفة الحالة للغيبرين الدموي لاحتوائه على الميليتين، وعن تطبيقات لهذه الخاصية للسم لمكافحة الاستعداد للتخثر الدموي ولمعالجة المصابين بالتهاب الوريد الخثري والتصلب الشرياني.
واعتماداً على ما عرف عن الطب الشعبي من أن سم النحل يخفض الضغط الدموي. أجريت أبحاث على الكلاب بحقن الحيوان بما يعادل سم نحلة واحدة في الوريد، فأدى ذلك إلى انخفاض طفيف في ضغط الدم. غير أن لسع عشرات من النحل دفعة واحدة لحيوان التجربة أدى إلى انخفاض حاد في ضغط الدم عنده. وقد تبين[31] أن انخفاض الضغط الدموي ينجم عن تأثير السم الموسع للأوعية المحيطية بسبب احتوائه على الهستامين. ويؤكد تجارب الدوائيين أن الهسامين حتى بعد تمديده بنسبة 1/250 مليون يبدي تأثيراً موسعاً للأوعية. أما الطبيب الصيني فإن شو[32] فقد عالج 12 مريضاً مصابين بارتفاع الضغط بسم النحل. وسجل الشفاء الكامل عند مريض واحد، وكان التحسن كبيراً عند 4 وتحسنت الحالة عند 3 آخرين ولم تتغير الحالة مطلقاً عند 3 أما المريض المتبقي فلم يتابع العلاج
استطبابات أخرى لسم النحل[34]
في عام 1864 نشر م. لوكسلي معهد بطرسبرغ لدراسة الغابات مقالاً عن فعالية سم النحل في علاج الملاريا. وفي عام 1861 أعلن شولز استعماله لسم النحل لمعالجة الملاريا الاستوائية والمثلثة والرباعية. وقد أورد إيوريش مشاهدته لأربع حالات من الملاريا شفيت بلسع النحل، لكنه يقول أن علاج الملاريا بسم النحل مشكلة لها أهميتها وتحتاج من ثم إلى دراسة كاملة. وقد ذكر إيوريش حادثتين لمريضتين كانتا تعانيان من ضخامة في الغدة الدرقية مع جحوظ في العينين. وبعد لسعات قليلة من النحل شعرت المريضة الأولى بتحسن كبير، ثم تضاءل الورم واحتفى بسرعة مع متابعة المعالجة بلسع النحل. أما المريضة الثانية فقد بدأت بالتحسن الملحوظ عندما عملت في المنجل وتعرضت مراراً للسع النحل. ويضيف إيوريش أن هذا المرض نادر بين النحالة