القراءات
لغة: جمع قراءة ، وهى مصدر سماعى لقرأ كما فى اللسان ويراد بها الفعل الذى يفعله القارئ ويراد بها الأثر المترتبه على الفعل ، وهو الحروف والكلمات بمعانيها ، وهو المقروء، وهما متلازمان.
والمقروء هو القرآن إذا كان القارئ ينطق بكلام الله تعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فحينئذ تكون القراءة والمقروء والقرآن شيئا واحد
واصطلاحا: مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراءة مخالفا به غيره فى النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه ، سواء أكانت هذه المخالفة فى نطق الحروف أم فى نطق هيئاتها.
وتذكر القراءة والرواية والطريق والوجه ، فيراد بالقراءة ما ينسب إلى إمام من السبعة أو العشرة أو الأربعة عشرة أو غيرهم كفتح سين {مرساها}هود:41 ، لعاصم ، والرواية: ما ينسب إلى الراوى عند الإمام كإمالة {مجراها}هود:41 ، لحفص عن عاصم ، والطريق ما ينسبه إلى من دون الراوى كإدغام {إركب معنا}هود:42 ، من طريق الشاطبية، أو للهاشمى عن حفص عن عاصم ، أما الوجه فلا ينسب إلى أحد، إذ هو مخير فيه عند الجميع ، كالوقف على {نستعين}الفاتحة:5 ، بالسكون ، أو الروم وهو الإتيان ببعض الحركة، أو الإشمام وهو هنا الإشارة إلى ضمة النون بضم الشفتين من غير صوت. وإضافة القراءات إلى الشخص إضافة ملازمة واعتناء واختيار من بين القراءات الواردة، حسب ظروفه لا لأنه اخترعها. وقولهم: قراءة النبى صلى الله عليه وسلم يعنون أن أهل الحديث نقلوها عنه ولم يدونها القراء من طرقهم ، وهو اصطلاح للمفسرين ومن تبعهم ، وإلا فجميع القراءات المعمول بها قراءة النبى صلى الله عليه وسلم .
وقراءات القرآن: مركب إضافى، والغريب فيه أنه من إضافة الأجزاء المخصوصة إلى الكل. وقد ظهرت القراءات بعد الهجرة بظهور الأحرف السبعة التى نزل القرآن عليها، إذ هى فروع من الأحرف. وزاد عدد الفروع عن الأحرف لأمرين.
الأول: أن الأحرف كانت تتيح سبع ختمات ، ثم تداخلت إذ جاز أن تقرأ سورة البقرة مثلا على حرف وبقية الختمة على غيره ، لقوله صلى الله عليه وسلم (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه) فنتجت ختمة ثامنة بقراءة ليست على حرف واحد من السبعة ولا خارجة عنها إلى حرف ثامن ، وعلى هذا النحو من التركيب الجائز واختلاف مواضعه فى القرآن تكثر القراءات.
الأمر الثانى: أن الأحرف السبعة لغات سبع ، واللغة الواحدة تسمح بنطقين أو أكثر فى اللفظ ، فتكون القراءات أكثر عددا من اللغات ، مثال ذلك لفظ (جبريل) قرئ فى العشر بكسر الجيم والراء وإثبات الياء وحذف الهمزة، وبفتح الجيم وكسر الراء وإثبات الياء وحذف الهمزة، وبفتح الجيم والراء وهمزة مكسورة وياء مد، وبفتح الجيم والراء وهمزة مكسورة غير ممدودة.
فالقراءتان الأوليان على لغة لا تهمز كأهل الحجاز ، والأخريان على لغة
تهمز كتميم.
والقراءات توقيفية تلقينا أو إذنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الأدلة على ذلك: قوله تعالى: {وهذا لسان عربى مبين}النحل:103. مع ما عرف من أن لسان العرب نهج منهج تعدد وجوه النطق ،وهو مناهج البيان العربى، وبيان القرآن معجز، وقراءاته من محاسن وجوه إعجازه.
ومنها: أن أسانيد القراء على اختلاف قراءاتهم متصلة برسول الله صلى الله عليه وسلم وتفصيلها فى الكتب المختصة.
ومنها الأحاديثه المروية فى نحو كتاب المستدرك للحاكم المتضمنة لقراءاته صلى الله عليه وسلم {مالك}بالألف الفاتحة:4 ، و {ملك}بدونها {وما كان لنبى أن يغل}آل عمران:161 ، بفتح الياء وضم الغين ، وبضم
الياء وفتح الغين {إنه عمل غير صالح}هود:46 (عمل) بفتح الميم والتنوين والرفع ،(غير) بالرفع ، و (عمل) بفتح اللام وكسر الميم فعلا ماضيا ، و (غير) بالنصب و {أيحسب}البلد:5،7 بفتح السين وكسرها ، وتواتر فى الأحاديث قراءة البسملة فى الصلاة، وتواتر ترك قراءتها أيضا.
ومنها إجماع أئمة الدين على أن الله تعالى أباح للصحابة رضى الله عنهم القراءة على لغتهم بشرط الأخذ عن النبى صلى الله عليه وسلم ومنها العقل ، فإن الضرورة قاضية بقراءة لتبليغ القرآن ، ولو كانت واحدة وما عداها ليس من البلاغ النبوى لكانت ملتبسة علينا بغيرها، ومحال أن يلتبس لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم بغيره والأمة أحرص ما تكون على متابعته حتى فى عادته التى لا يظهر لهم أن فيها تعبدا، مع خشيتهم الابتداع وائتمارهم بأن يقرءوا كما علموا، وتلاحيهم إذا سمعوا ما لم يسمعوه منه فالقراءات المعمول بها متساوية وتوقيفية.
وتنقسم القراءات -عموما- إلى متواترة، وشاذة. فالمتواترة هى القراءات المعمول بها من طرقها المعينة عن القراء العشرة، المعروفة فى الفن ، والشاذة ما عداها فى الفن ، والشاذة ما عداها.